بدور القاسمي: أدين لتجربة الشارقة الثقافية في رئاسة «الدولي للناشرين»

2020-12-15
Share
بدور القاسمي: أدين لتجربة الشارقة الثقافية في رئاسة «الدولي للناشرين»

بدور القاسمي: أدين لتجربة الشارقة الثقافية في رئاسة «الدولي للناشرين»

أكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيس الاتحاد الدولي للناشرين «2021 - 2022» أنها مدينة بتنصيبها رئيساً للاتحاد لإمارة الشارقة وتجربتها الثقافية التاريخية بشكل خاص، حيث شكلت منذ البدايات وجهةً لأبرز الأدباء والمثقفين العرب وحاضنة لطموحاتهم وتطلعاتهم، فقد كان الكتاب بفضل حكمة وعمق رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رفيقاً للإمارة في كل خطوة من مسيرتها، وكانت المعرفة العنصر الرئيسي في كل معادلة في التنمية والتطور والتنوع والثقافة الاجتماعيّة وفي العلاقة مع المحيط والعالم.
وأضافت: «لقد ترعرعت في هذا المناخ وتشربته وبفضله تشكلت مفاهيمي وترسخت قناعاتي بأن صناعة الكتاب تقود بشكل أو بآخر كافة النشاطات الأخرى، بل وتشكل ضماناً لنجاحها واستدامة نتائجها، كما أنها المدخل الأساس لتجاوز الكثير من أسباب الفقر والأميّة والصراعات والنزاعات وتراجع التنمية».
وقالت الشيخة بدور القاسمي - في حوار خاص لوكالة أنباء الإمارات (وام) بمناسبة تنصيبها رئيساً للاتحاد الدولي للناشرين: «إن هذا المنصب يلقي على عاتقي مسؤولية المساهمة في تطوير قطاع النشر الدولي ومساعدة أعضاء الاتحاد على تطوير أعمالهم ومواكبة المستجدات العالمية وتقريب وجهات النظر بين الناشرين ومختلف الجهات التي تؤثر في صناعة الكتاب».
وأضافت: «سأسعى مع زملائي في الاتحاد الدولي للناشرين الى تعزيز التقارب بين الثقافات والشعوب والتركيز على الجوانب المشتركة وسنركز على ترسيخ ثقافة التعاون والشراكة والعمل لمواجهة تحديات صناعة النشر لتمكينها من أداء وظيفتها بوصفها أداة أساسية لتحقيق التنمية والازدهار».
ووجهت تحياتها لكافة العاملين في صناعة النشر والمعرفة في العالم أجمع كون هذه الصناعة لا تشبه أي صناعة أخرى، فهي صياغة لوجدان الشعوب ومعارفها وخلاصة تجاربها فالكتاب هو رسالة أمة ترسلها للأمم الأخرى رسالة تقارب وتوافق على الطموح المشترك.. مضيفة: «لا ننسى أن صناعة النشر مرتبطة بشكل أساسي بالترجمة ما يجعل من مادة النشر لغة مشتركة بين الشعوب والثقافات».
*صياغة البرامج والأفكار وحول الدور المنتظر الذي ستلعبه الشيخة بدور لمعالجة قضايا صناعة النشر على المستوى العربي والإقليمي والعالمي.. قالت: «لقد أثرت أزمة جائحة كورونا في صناعة النشر بشكل كبير وفي الوقت نفسه أتاحت للناشرين فرصة عظيمة لمراجعة نماذج العمل والتعمق في فهم التوجهات المستقبلية للتأقلم معها والاستعداد الجيد لها ومن هذا المنطلق سيكون دوري الأساسي في المرحلة المقبلة هو المساهمة في صياغة برامج وأفكار لمساعدة الناشرين على تخطي تحديات هذه الأزمة بأمان ومن ثم الاستفادة من الدروس والانتقال إلى المستقبل بشكل تدريجي ومنتظم.. إضافة إلى ذلك هناك تحديات تقليدية مشتركة يواجهها الناشرون في كل مكان والرد على هذه التحديات يتمثل في الاستمرار وابتكار طرق ووسائل تؤدي إلى ازدهار صناعة النشر فعلى الرغم من السمة النبيلة التي تمتاز بها هذه الصناعة إلا أنها تخضع لقوانين السوق والعرض والطلب والتداول وتتأثر بالأحداث والطوارئ وبالسياسات والتشريعات الخاصة بكل بلد».
وأضافت: سنعمل خلال السنوات القادمة واستكمالاً لجهود الرؤساء السابقين للاتحاد على التنسيق مع اتحادات وجمعيات النشر المختلفة لتعزيز مفهوم حرية النشر وتوفير كل الظروف التشريعية الملائمة لتطبيقه بدون شروط، بجانب الدفاع عن حقوق الملكية الفكرية باعتبارها أهم ركائز النجاح في الصناعات الإبداعية كصناعة النشر وسنركز أيضاً على تأسيس حلول فعّالة للتحديات الرئيسية التي يواجهها قطاع النشر من حيث الوصول للأسواق المحلية والعالمية والتسويق وإتاحة المزيد من الفرص أمام الناشرين لعرض إصداراتهم في المعارض والفعاليات الدولية.
وتابعت الشيخة بدور القاسمي: «سنطلق حوارات تتعلق بكيفية الحد من تكاليف النشر لتكون الإصدارات متاحة لكافة فئات المجتمع وفي الوقت نفسه تعود بالفائدة على الناشرين، وأنا على ثقة بأن هناك الكثير الذي يمكن عمله في هذا السياق بما في ذلك تعزيز الحوار مع الجهات الرسمية والخاصة ذات العلاقة بقطاع النشر.. فأمامنا خلال المرحلة المقبلة المزيد من العمل لتطوير وترسيخ حقوق الملكية الفكرية لأن الطباعة والتوزيع خارج الإطار القانوني للنشر تلحق ضرراً كبيراً بالناشرين والمؤلفين وجميع العاملين في هذه الصناعة».
*تسهيل عقود الترجمة وأشارت إلى وجود تحد خاص على المستوى العربي، وهو ضعف حضور المنتج العربي عالمياً، على عكس المنتج الأجنبي وخاصةً المكتوب باللغة الإنجليزية، لأنها لغة مقروءة في معظم بلدان العالم، لكن المنتج العربي لا حظوظ له عالمياً إلا إذا تمت ترجمته ومن هنا سنعمل على تسهيل عقود الترجمة وبيع الحقوق للمنتج العربي وذلك بالتوافق والتنسيق مع جميع الجهات ذات العلاقة، وأنا على ثقة بقدرة الاتحاد والناشرين على مواجهة أغلبية التحديات بالعمل المشترك وبالحوار المستمر الذي يخرج بنتائج عملية».
وحول الأثر الإيجابي الذي لمسته من مشاريع النشر الخاصة باللاجئين، قالت الشيخة بدور القاسمي: «إن الأثر المعرفي هو تأثير تراكمي بطبيعة الحال، فقد لا تظهر نتائجه في البداية ولكنها في النهاية ستأتي قوية ومستدامة وذات فائدة كبيرة» مشيرة إلى أن الأثر المباشر الذي نلمسه عند توفير الكتب للاجئين هي تلك الفرحة التي على وجوههم عند حصولهم على أحد حقوقهم الأساسية، وهو الوصول لمصادر المعرفة التي تشعرهم بالمساواة بغيرهم وباهتمام العالم بمستقبلهم على وجه التحديد.
وأوضحت أن النزاعات والصراعات تثير في عقول ضحاياها وبشكل خاص اللاجئين، مجموعة كبيرة من الأسئلة، وحالة من الحيرة والقلق على مصيرهم، وفي هذا السياق أثبتت القراءة قدرتها على معالجة الالتباسات الثقافية والمعرفية لدى اللاجئين بشكل عام، والأطفال والشباب منهم بشكل خاص، وساهمت في التأسيس لحالة الانسجام والتعايش مع المجتمعات المضيفة، كما أن القراءة وخاصة للأطفال تمكنهم من إطلاق العنان لخيالهم ليسافروا بعيداً عن واقعهم الصعب، وتشجعهم على بناء تصورات جديدة لمستقبل واعد في عالم جديد، فالأثر الأكبر هو الأثر التنموي، حيث ستؤسس مشاريع النشر والقراءة الموجهة للاجئين لجيل يمتلك المعرفة، ويدرك كيف يوظفها في العلوم والاقتصاد والآداب والابتكار وغيرها.
*تطوير التشريعات وفيما إذا ساهمت المشاريع الثقافية بالدولة في تشجيع الناشرين والكتاب دخول عالم صناعة النشر، أكدت الشيخة بدور القاسمي على هذه الحقيقة باعتبارها أحد أهم المحفزات الرئيسية لصناعة النشر، فالمشاريع والبرامج والفعاليات الثقافية التي تطلقها الحكومات تشكل فرصةً لالتقاء الناشرين وعرض إصداراتهم أمام الجمهور وتوقيع اتفاقيات حقوق الملكية والتوزيع، ونأمل خلال المرحلة المقبلة أن نسهم في تعزيز هذا النوع من المشاريع بالتنسيق بين الاتحاد الدولي للناشرين والجهات المختصة في كل دولة.
وحول خطة الاتحاد الدولي للنشر لتعزيز العلاقات مع الجهات الرسمية والخاصة في العالم المعنية في صناعة النشر ودعم هذا القطاع دولياً.. قالت: «انطلاقاً من حقيقة أن متانة العلاقة بين قطاع النشر والقطاعات الفاعلة الأخرى تشكل عاملاً أساسياً في نجاح هذه الصناعة، فقد عمل الرؤساء السابقون للاتحاد على إرساء شبكة عالمية من العلاقات التي تجمع أطراف صناعة النشر كافة، وسنعمل خلال المرحلة المقبلة على تعزيز هذه الشبكة وتوسيعها وتفعيل النقاش والحوار تحت مظلتها للوقوف على آخر تطورات قطاع النشر وتحدياته».
وتابعت: «من المفيد على سبيل المثال ترسيخ العلاقة بين رواد صناعة النشر من ناحية، ورواد قطاعات اقتصادية أخرى مثل قطاع التكنولوجيا المتقدمة والخدمات اللوجستية والتوزيع والبيع بالتجزئة وموردي المواد الأولية للناشرين، وأرى أنه من الضروري تقوية العلاقة مع الصناعات الإبداعيّة الأخرى، وبشكل خاص التلفاز والسينما والمسرح وأشكال الفنون الجديدة، الهادفة والملتزمة التي ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي لما لهذه الصناعات من قدرة على تقديم الكتب للجمهور بأشكال فنية مختلفة، فلدينا الكثير من الأهداف التي ستقود علاقاتنا مع الجهات المختصة والمسؤولة وبشكل خاص ما له صلة بتطوير القوانين والتشريعات الداعمة لقطاع النشر وسنعمل أيضاً على البحث في كيفية تقليص تكاليف إنتاج الكتب وتوزيعها إلى جانب التعريف بأهمية المحتوى وجاذبيته للجمهور لتحفيزهم على القراءة».
وحول اختيارها لرئاسة «الدولي للناشرين» باعتبارها أول امرأة عربية والثانية على مستوى العالم تتولى هذا المنصب.. قالت: «من الطبيعي أن تقود صناعة النشر والمعرفة ممثلةً بالاتحاد مسيرة التنوع وتكافؤ الفرص والابتعاد عن التحيز لجنس أو فئة بعينها، فرئاسة الاتحاد تتم بالانتخاب بمعنى التوافق على كفاءات الرئيس والإيمان بقدراته بغض النظر عن جنسه وهذا بحد ذاته يحمل رسالة هامة للمجتمعات وهي ضرورة الاختيار على أساس الكفاءة والمهارة وليس على أساس النوع الاجتماعي أي أن يكون توظيف المرأة وتسليمها للمنصب نتيجةً لقدراتها وليس رغبةً في التنويع فقط».
وأعربت الشيخة بدور القاسمي عن أمنيتها بأن تصبح الكفاءة معياراً للاختيار في المجتمعات كافة.. وقالت: «فبهذا نعزز التنافس على التعلم وتطوير الذات ونقدم خدماتنا للجمهور بإخلاص وصدق».
*المستقبل والابتكار ووجهت الشيخة بدور القاسمي رئيس الاتحاد الدولي للناشرين- في ختام حديثها - نصيحة لتحفيز الجمهور على القراءة قائلة: «مهما بلغت قدرتنا على التعبير لن نستطيع توصيف التحولات التي تحدثها عملية القراءة عند الفرد، لأنها تحولات في الوجدان والعاطفة والفهم، وفي النظرة للعالم، وأيضاً في طريقة السعي نحو تحقيق الأهداف، لكن ما نستطيع قوله بوضوح هو أن العالم اليوم بمجمل قطاعاته يتجه نحو مرحلة قائمة على الأفكار والابتكار والتطوير، وهو ما يجعل من القراءة وتطوير الذات وتعميق المعارف ضرورة تنموية ملحة»، مؤكدة أنه «لو بحثنا في أسباب تراجع التنمية وارتباك العلاقات الاجتماعية، لوجدنا أن الجهل المعرفي وليس العلمي فقط، هو السبب الرئيسي لتراكمها، هنا تصبح القراءة أداة بناءة ومحركة لعجلة التاريخ ومرآة تعكس صورة الأمة وقيمها أمام العالم».
*مسيرة متواصلة يشار إلى أن الشيخة بدور القاسمي شغلت خلال العامين الماضيين منصب نائب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين بعد أن تم انتخابها له خلال اجتماعات الجمعية العمومية للعام 2018 إبان معرض فرانكفورت الدولي للكتاب.
وشكل اختيار الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي لهذا المنصب الدولي الرفيع والذي يعد من أكثر المناصب تأثيراً في قطاع صناعة الكتب والمعرفة سابقة عربية وعالمية تجسيداً لجهودها في دعم صناعة النشر والناشرين على المستويين المحلي والعالمي وذلك من خلال سلسلة المبادرات الدولية التي قادت فيها جهوداً نوعية خدمة لقطاع النشر في مختلف بلدان العالم، كما يعد بمثابة تكريم دولي لمسيرة الشارقة الثقافية بشكل خاص ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام.
وخلال مسيرتها حققت الشيخة بدور القاسمي العديد من المنجزات ذات الأثر الكبير في مسيرة المعرفة الإماراتية فأسست جمعية الناشرين الإماراتيين في العام 2009 والتي نالت بفضل جهودها العضوية الكاملة في الاتحاد الدولي للناشرين في العام 2012، كما لعبت دوراً بارزاً في تتويج الشارقة بلقب «العاصمة العالمية للكتاب 2019» لتكون بذلك أول مدينة خليجية تنال هذا اللقب، والثالثة في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط، حيث ترأست الشيخة بدور القاسمي اللجنة الاستشارية ومكتب الشارقة العاصمة العالمية للكتاب.
وخطت الشيخة بدور القاسمي خطوات واسعة دعماً لحق الأطفال واليافعين في الحصول على منتج معرفي وإبداعي بجودة عالية ينهض بمستقبلهم ويلبي تطلعاتهم